افهمني أو لا تفهمني .. فقط أرجوك لا تحاول ..؟؟


*
عدتُ .. والعود أحمد …؟؟

خالي اليدين أو حتى للأسف مقطوع اليدين ..؟

فقد فاجأني موظف الجمارك وهو ينظر لي متأسفا يقول لي ” الله يعافيك ” ..؟

حينها عرفت فقط أني ما عدت أملك يدين كما في السابق

ترى .. هل قطعوها لأني سرقت شيء ما دون أن أدري تطبيقا للشريعة الاسلامية

أم أنهم هم من سرقوها فقطعوا بذلك رأس الأفعى التي أبث بها سمومي في حرفي …؟

لا أدري ولكن المهم أني عدت كما ذهبت ..

وليس أقسى من العودة الى نفس المكان سوى أن تدفع فاتورة الوقت المهدور سلفا ..؟؟

من يا ترى سيعوضني عن هذا الوقت الذي قطعته كي أنتقل من الخانة هنا الى الخانة هناك

كي أكتشف أنها الخانة نفسها هنا مع فرق التوقيت في اضافة حرف الكاف …؟؟

من الذي يخبرك أنك أتعبت روحك وقلبك في الحلم دون طائل يذكر ..؟

وأنك مثل قطيع الرعاع صدقت كلام الأقدمين حين قالوا لك أنك تملك شرف المحاولة .

وأنه لا يخشى أبدا من كان الله معه أو ربما ضده ..؟؟

لا أدري تماما ما هو الجزء الذي لم أفهمه من جملة ” لا تضيّع وقتك وعمرك في الاحلام ”

حتى غامرت بآخر قشة كنت أنكشّ بها أيامي كي أغوض غمار هذه التجربة المريرة

وراهنت على الأمل الجميل بأنه سيفتح لي أبواب جنته وليس باب زنزانة أتعفن فيها ..؟؟

لا أدري

ما معنى المحاولة اذا لم يكن نصيبك منها سوى الفشل في النهاية السعيدة

ما معنى أن تحاول الطيران بأصابع عارية من الريش ومن الهواء الفاسد

ما معنى أن تسقي الصحراء بطولها وعرضها بكأس ماء

ما معنى أن تصرخ حين يكون كل من حولك ” طرشان ”

ما معنى أن تضحك حين تحيطك أكوام من الموتى الأحياء..

ما معنى أن لك شرف المحاولة .. اذا كان الشرف نفسه مفقودا ؟؟

أي شرف هذا الذي يحيلك من مرتبة المثقف الى مرتبة المتعصب

اي شرف هذا مبني على عدم فهم القوانين الفيزيائية والكيميائية للتجرية

فمن الصعب أن تطير حين تصدق أن الحلم أخف وزنا من السرير

ومن الصعب أن تحقق هدفك فقط لأنك مؤمن بأن الله معك

طبعا ليس معنى كلامي أن الله ليس عنده وقت فراغ يقضيه معك

أو أنك تعتمد على اله لا يغني من جوع ولا عطش ولا حتى دعاء

لا على العكس فقط افهمني جيدا أرجوك ..

الايمان وحده لا يكفي .. وحسن النية لا تكفي وصدق النوايا لا تكفي

واحساسك بان الله معك لا يكفي وسعورك بأنه لن يخذلك لا يكفي

لانك لو عشت على هذه الافكار صدقني ستسقط من شجرة الحياة

حتى قبل أن ينمو ريشك أيها العصفور ..؟؟

افهمني يا قارئي أو لا تفهمني

ولكن أرجوك لا تحاول أن تفهمني أو لا تفهمني

فقط إما أن تفهمني أو لا تفهمني

فلا أصعب من السقوط في قعر الاحتمالات والاستنتاجات

ولا أضيق من فسحة الأمل حين تكون مشلولا بأفكارك

ولا أسخف من رقعة الشطرنج التي يصير فيها الملك مثل الجندي ؟؟

افهمني ..

حين أوصوك أن تمشي بجانب الجدار وتقول يارب ..ضحكوا عليك..

فأكثر الذين ماتوا كانوا نتيجة حتمية للانهيارات العظيمة لتلك الجدران ..

وكلمة يارب كانت كلمة السر لهم كي يعرفوا متى يهدّوا الجدار على رأسك …؟؟

افهمني

حين قالوا لك من جدَّ وجد ومن سار على الدرب وصل ..كذبوا عليك ..

فمن جدّ وجد التعب والخيبة والألم والقرف والزهق والشماتة وضياع العمر

والدرب الذي تكلموا عنه تقطعه سلحفاة صغيرة في اسبوع واحد

ففي حينها لم تكن الدروب ولا الطرقات تحكمها بلديات السرقة والنهب

ولم يكن بها حفر عميقة تقفز من فوقها وكأنك في لعبة ” ماريو ” …؟؟

افهمني

حين أخبروك أنهم من جمعية المطالبة بحقوق المرأة والمساواة مع الرجل

خانوك في شرفك الذي اشتهوه عن بعد ولم يطوله أبدا لحسن ظنك بربك

فقط من باب الحرية استطاعوا الوصول الى امك وأختك ووزوجتك

أستطاعوا أن يعروها أكثر كي يستمتعوا أكثر ويستلذوا بها بأسهل الطرق

وصار كيلو اللحمة عند الجزار أغلى من فخذ امراة مع عظمها في الشارع …؟؟

افهمني

حين توارثوا أن العلم نعمة والجهل نقمة ..سرقوك دون أن تدري ..؟؟

لا تكن عالما ..فتكتشف فداحة الظلم الذي مارسوه عليك وأنت تعطيهم العذر بطيب خاطر

لا تكن بصيرا .. فتكتشف كم يحقدون عليك ويكرهونك ويضحكون في وجهك كذبا ويهتانا

لا تكن فطينا .. فتعرف من يتآمر عليك ويطعنك وهو أقرب لك من حبل الوريد

كن أعمى .. حتى تصدق أنهم يتمنون لك الخير من حسن ظنك المسكين

كن جاهلا .. حتى تعيش بين الموتى الذين يطرزون لك الكفن بكل رحابة صدر

كن بسيطا ..حتى لا تغوص في تعقيدات البشر الذين يتآمروا على عقلك وقلبك

كن ساذجا ..وقلّ في نفسك يا نار كوني بردا وسلاما على المساكين أمثالي ..؟؟؟؟

افهمني

حين قالوا لك أن القافلة تمشي والكلاب تعوي ..كانوا يحسنوا الظن في الكلاب

وكانوا يكرهون صمت القافلة .. وذل القافلة .. وغياب القافلة..

أما الآن فصارت القافلة كلها كلاب ولا حرج ..

ولم تعد الكلاب تعوي بل صارت تتكلم وتتحاور وتكتب أيضا

ويستخدمون أكثر من لغة أجنبية في حال لم تفهم عوائهم

كانت القافلة حقيرة لا صوت لها ولا صراخ ولا حتى اعتراض

وكانوا يدعونك من حيث لا تدري أن تصير مثلهم كلبا يمشي على قدمين ..؟؟

افهمني

حين قال الله تعالي ” ان بعض الظن إثم ” صدق الله وهم كذبوا ..

حين قالوا ” اذا رأيت أنياب الليث بارزة فلا تحسبن أن الليث يبتسم ”

ان كثيرا من الظن من حسن الأدب والخلق والغباء أيضا

والفرق بين الغني والفقير ليس مجرد كأس ماء ولقمة سائغة

والفرق بين الكافر والمؤمن ليس مجرد شهادة أن لا اله الا الله

والفرق بين الظالم والمظلوم ليس مجرد دعوة في غياهب الليل

فحين أرى شيخا محترما مثل القرضاوي يصير بوقا للسياسة والفتنة

أترحم على الشعرواي حين قال :

اللهم اجعل أهل السياسة من أهل الدين

ولا تجعل أهل الدين من أهل السياسة …؟

وحين أقرأ للصحفي السعودي محمد الرطيان مقالا عن فلسطين

أحزن كيف صارت القدس عاهرة لكل من دبّ وهبّ

وكيف صارت سلعة لمن يريد أن يزيد رصيده من المعجبين

ويزيد رصيد مبيعات الجريدة التي يكتب بها ..

ويفيض بالعروبة كما فاضت السيول في جدة ولم يكتب عنها شيء ..؟؟

وحين أقرأ نسيان دوت كوم للكاتبة الجميلة أحلام مستغانمي

وأقارنها بثلاثيتها الرائعة وأجد الفجوة الفظيعة بينهما أدبيا

أؤمن أن من كتب الثلاثية ليس من كتب نسيان

أو أن نسيان هو فعلا الكتاب الوحيد الذي كتبته أحلام

افهمني

حين أرى دولة اسلامية تسمح للمرأة بالمشاركة في مجلس الشورى

وتتفاخر بالديمقراطية المعلبة والمستوردة ولا تسمح لها بقيادة السيارة

أحسن الظن فيها لأنه ربما رأت أن السيارة أنثى والمرأة أنثى

وقيادة الأنثى للأنثى هو نوع من السحاق المحرم في ديننا

فلا بأس أن يقود الرجل السيارة

وأن تقود المرأة الرجل

ما دامت القيادة فن وذوق وأخلاق وشريعة ..؟؟

افهمني

حين أرى خطيب الجمعة يقول لي أن رزقكم في السماء وما توعدون

وأراه واقفا في طابور طويل أمام قصر أحد الشيوخ في دولة خليجية

أصدق حينها أن الله لديه جناح ملكي في ذاك القصر قد استأجره ..؟؟

افهمني

حين أرى كاتبا حاقدا وغاضبا وكارها ولاعنا ومتعبا مثلي

يدقّ أبواب الشعراء والكتّاب الذين سطع اسمهم في عالم الأدب بكل قلة أدب

كي يتعطفوا عليه بقليل من الاهتمام أو يتبنى أحدهم حرفه المجنون

أكتشف أنهم جميعهم لديهم أصول اسلامية ثابتة والحمد لك يا الله

فهم لا يتبنون حرفي لأن التبني حرام في الاسلام أيها السادة ..؟؟

افهمني

حين قلت لك افهمني

صرتُ مثل فرعون حين قال ” ما اريكم إلا ما أرى ”

حين قلت لك لا تفهمني

صرت مثل من قال لك لا تتخيل حصان أبيض وأعلم أنك تخيلته الآن في عقلك ..؟؟

هل فهمت المغزى من هذا

لا تحاول أبدا أن ترتكب فهم شيء لا طائل منه

فكلما زاد فهمك .. كلما زادت متاعبك وهمومك وغضبك وحقدك

كلما زاد وعيك .. كلما زادت اشارات التعجب والاستفهام والاستهجان

كلما زاد تفتحك ..كلما زاد عدد الابواب المغلقة والنوافذ المانعة للتفسير

كلما قرأت لي أكثر

كلما لعنتني وشتمتني وقذفتني وأخرجتني عن الملة في شريعة الاسلام

وستقول في نفسك لحسن ظني فيك ” اللهم لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منا ”

\

/

على حافة القهر

شنقوا جاليليو ” اكراما للعلم ” لأنه قال أن الأرض تدور حول الشمس

اللهم أكرمنا بمزيد ممن قتلوا جاليليو ..فالحياة ما عادت تحتمل جهلا أكثر …؟؟؟

تائــــ,,,ـــــــه